مراجعة كتاب “28 حرف” للممثل المصري “أحمد حلمي”
قد نتّفق جميعاً أنّ الممثّل أحمد حلمي ممثّلٌ ناجح، حاضر النكتة، سريع البديهة، خفيف الظلّ ومجبولٌ بالمرح، وربّما هذا ما دعا صحيفةً بوزن الدستور الأسبوعي أن تطلبَ منه كتابةَ مقالاتٍ ساخرةٍ، يكتبها بحسّ الدُّعابة التي يملكها مقابل عائدٍ ماليٍّ متواضع، والرجل إذ يستنكفُ عن هذا العائد المادّي الزهيد لما يدرّه عليه عمله من مالٍ وحظوة، إلا أنّه أُعجبُ بالفكرة ورأى أن يثبتَ نفسه في دنيا الأدب والفكر بعدما بزّ أقرانه في التمثيل والتقديم وإلا لما قبلَ بهذا العرض، فانطلت الخديعةُ على المسكين وكسبت الصحيفةُ الرّهان وباعت نسخها مستغلًةً شهرة كاتبها الجديد، أمّا هو فقط سقط في فخ الأدب الساخر الذي ما قدره حقّ قدره ولم يمتلك أدواته ومفاتحه.
وقد قرأتُ الكتاب وأنا أزدريه كاللقمة المالحة ونفسي تقول: حسبُك كفى، وأنا أرغمُها على المتابعة ليخرج رأيي بالكتاب حياديّاً صادقاً، فانتهيتُ منه وكتبتُ حوله النقاط التالية:
في الكتاب خمسةٌ وعشرون مقالاً كتبهم أحمد حلمي بالمحكيّة المصريّة ناسفاً بها كل قواعد الأدب والنحو والصرف والإملاء، وإنّي إذ أغار على العربيّة من مغتصبيها تابعتُ القراءة وأنا حزينٌ مكلومَ الفؤاد، لكنّه كتب بضعة أسطرٍ باللغة العربيّة الفصحى فعرفنا من خلالها ضعفه المُستحكم في قواعد اللغة، وفنون القصّ والتدوين.
وإن أعرضنا عن اللغة ناحية الأفكار لم نجد شيئاً، ولن نفرح بفكرةٍ أصيلةٍ يتمخّضُ عنها مقال، اللهمّ إلا : جواب، مجرد سؤال، وزير التنقية والتقليم، التي أراها مقالاتٍ جميلةً يُشاد بها إذا ما قورنت بأخواتها من مقالات الكتاب.
صدر الكتاب في 158 صفحة من القطع المتوسط، ولم أجد في الكتاب أيّ إشارةٍ لدار نشر، وكأنّ الرجل طبع الكتاب على حسابه الشخصي.
وإنّي إذ أحترم أحمد حلمي وأحبّهُ وأكنّ له في صدري ما يعلم الله؛ رأيتُ أن أكتفيَ بهذا الحدّ، وحقيقٌ بي القول أنّي من أشد مُعجبي هذا الفنان وأجده (أجدع) كوميديان تشهده الساحة الفنيّة العربيّة في الوقت الحالي، وأنتظر أفلامه وأترقّبها كلّ حين، إلا أنّي لم أجد فيما كتب حسّاً فكاهيّاً يجعلني أتحمّس لأيّ كتابٍ جديدٍ قد يُغامر وينشره، فيفجعُ به القرّاء والمكتبات واللغة العربية في وقتٍ واحد.
- 28 حرف
- أحمد حلمي