ميسي تمارين على الأسلوب

مراجعة سريعة لكتاب “ميسي تمارين على الأسلوب” للكاتب الإسباني/الكاتلاني جوردي بونتي

قد يفضّل عشاق الكرة ومحبي اللاعب ليو ميسي تحديداً مشاهدة تسديداته القوية في مرمى الخصم، وأهدافه المدروسة وتمريراته السريعة الرشيقة، أكثر من قراءة كتبٍ عنه، لكنّهم سيغيّرون رأيهم منذ الصفحة الأولى؛ ذلك أنّ الكتاب ينفرد بمعلوماتٍ لم تُنشر قبلاً عن هذا الرجل ولم يقلها معلقٌ رياضيٌّ يتولّى وصف مباراة، أو مُنظّرٌ في استديو تحليلي يبرّر ويسوّغ أحداث مباراةٍ لعب فيها ميسي..

ولا أذكر -وهنا لا أدّعي أنّني متابعٌ مرٌّ لكرة القدم- انشقاقاً هائلاً حصل بين عشاق الكرة بقدر ما حصل بين محبي ليو ميسي الذين يعدّونه أسطورةً كرويةً تاريخية، وبين كارهيه الذين يرون فيه صناعةً إعلامية، وأنّ مهاراته لا تتعدّى نظرائه من الفريق ذاته.
لكن من المؤكد أنّه ومنذ أن ظهر ليو ميسي لأول مرة مع فريق برشلونة منذ عشرين عاماً مضت، وتحديداً في مباراةٍ ودّية جمعت برشلونة ضد فريق بورتو يوم الأحد 16 نوفمبر 2003، منذ ذلك اليوم ومعظم محبي نادي بورتو يتمنون لو أنّ هذا اللاعب سجّل هدفاً في مرماهم، لأنّ ذلك سيكون الهدف التاريخي الأول لميسي في تاريخه الكروي العريض؛ وشرفاً لهم أن يكون ذلك في مرمى فريقهم!!

في هذا الكتاب “ميسي..تمارين على الأسلوب” يقدّم الصحافي الرياضي جوردي بونتي والذي يكتب أعمدةً دورية في أعرق الصحف الرياضية، أكثر من عشرين مقالاً تدور كلها حول اللاعب الأسطورة ليو ميسي. وهي معلومات (مؤكدة) حصل عليها الكاتب من خلال تتبع مسيرة الحركة الرياضية العالمية وتحديداً كرة القدم الإسبانية، واختلاطاً باللاعب ذاته وبأقرب الناس إليه، منهم “هوراشيو جاجيولي” المفوّض بالتوقيع عن ميسي لأنّ هذا الأخير كان في زمن انتسابه لصفوف نادي برشلونة بعمر ثلاثة عشر عاماً تقريباً، وهو عمر لايسمح له بأن يكون وكيل نفسه!.

بعض التفاصيل الواردة في الكتاب أو أكثرها مشوّقٌ جداً، على سبيل المثال: كيف كُتب عقد ليو ميسي مع فريق برشلونة في نادٍ للتنس، وكيف كان ذلك على منديل ورقي رخيص، وكيف يفاوض ميسي الآن على ثمن عرض هذا العقد الأول!!

مقالاتٌ أخرى عن أسلوب مشيه في الملعب وسرعته في الركض مع الكرة أكثر مما لو كان منفرداً، وظاهرة الوشوم التي تملأ جلده وهل هي رسائل مشفرة؟! وعلاقته مع لدّه الخصم كريستيانو رونالدو، وقصصٌ أخرى حول كيف تبنّى نادي برشلونة علاجه من خلل نموّه، وكيف ينظر الشعب الأرجنتيني العاشق للكرة إلى كلٍّ من مارادونا وميسي وهل لايزال ولاءهم للأول؟!.

وسيحظى القارئ المهتم بالمسيرة الرياضية للبرغوث (البرغوث هو لقب ميسي في ناديه الأرجنتيني الأول) بتفاصيل أخرى حول إصابات اللاعب وضربات الجزاء التي أدّاها بحرفية، أو تلك التي أهدرها، ومعالم الموضة التي استنّها ميسي في الأوساط الرياضية!.

صدر الكتاب عن دار أطلس عام 2022، ويقع في 157 صفحة من القطع المتوسط، وبترجمة سلسة من المترجم محمد بيطاري الذي نقل الكتاب عن اللغة الكاتلانيّة، وللإنصاف؛ هذه المرة الأولى التي أعرف أنّ لدينا في سورية من يترجم عن هذه اللغة وبهذه الحرفيّة. وبالمجمل هو كتاب جميل، شيّق عن لاعبٍ مميز أدنى ما يمكن أن يُقال عنه هو ما ذكره مرةً اللاعب الأرجنتيني العريق خورخي فالدانو: “أفضل لاعب في العالم هو ميسّي، وثاني أفضل لاعب في العالم هو ميسّي مُصاباً”.