جنسانية أم كلثوم

مراجعة كتاب “جنسانية أم كلثوم” للكاتب “موسى الشديدي”

تردّدت كثيراً قبل أن أقدّم عرضاً عن هذا الكتاب، وقد نصحني بعض الأصحاب بألا أفعل كي لا أقيم وزناً للكتاب وصاحبه.
والواقع أن كلاهما (الكتاب وصاحبه) بلا وزن ولاقيمة ولاهدف، وهي حقيقةٌ ستعرفون سببها بعد سطور.


أما مبعث مراجعتي هذه فهو أن أضع السادة القرّاء أمام واقعٍ صار واضحاً في عالم النشر الالكتروني، ولأقدّم لهم مثالاً حيّاً عن الأشخاص الذين يسعون للحصول على لقب “كاتب” حتى لو كان السبيل إلى ذلك الطعن في سيرة حياة الخالدين أو النقيصة منهم أو فتح أبواب السجال في دقائق حياتهم، وربما دفعهم حبّ الشهرة هذا لتأليف كتبٍ حول “الهوية الجنسية والميول الغريزي” لهولاء المشاهير كحال الكتاب الذي بين أيدينا الآن.


موسى الشديدي شابٌ يصف نفسه بأنه “كاتبٌ وباحثٌ في سياسات الجنس” وله إصداران في هذا المجال. يطرح المذكور في كتابه هذا والمعنون ب “جنسانية أم كلثوم” سؤالاً عجيباً هو: ماهو الميول الجنسي لكوكب الشرق؟؟
ويتساءل بكل جراءة، وهنا أنقل كلامه حرفياً: “لقد كُتبتْ الكثير من الأعمال التي حاولت فهم علاقة الجمهور بهذه المعجزة وتحليل نظرة جمهورها لموهبتها. ولكن ماذا عن جنسانيتها؟؟”


أقول: لم أجد في قاموس الوقاحة ما يشبه مثل هذا التعدّي على خصوصيات وحياة الآخرين. ألم يجد هذا (الباحث) النكرة مايبحث فيه سوى (جنسانية) أم كلثوم أو غيرها!! وما الفائدة أصلاً من مثل هذا البحث والتحرّي الفارغ؟!
يعتبر المؤلف أنّ لأم كلثوم ميولاً جنسية شاذة متخذاً من بعض المواقف والعبارات دلائل على صحة شكوكه، منها: أنها كانت تلبس عقال الرجال على رأسها في بداية حياتها الفنية، وقد اعتبرَ ذلك أنها محاولة من والدها ليحررها من “الأنوثة القسرية” التي كانت تعيشها!!!


كما اعتبر الكاتب أن لقب (أبو كلثوم) الذي ذكره مرةً الصحفي زكي مبارك في إحدى مقالاته من باب المداعبة لشخصيتها القوية؛ دليلاً على خلل هرموناتها وميولها الفطرية إلى النساء!!! وقد استشهد (موسى الشديدي) على ذلك بحجم رقبتها وشكل ثدييها !!!


أما ثالثة الأثافي فهو اعتباره أنّ مايتداوله الناس في أنها لم تدخل المطبخ في حياتها ولامرة دليلاً مؤكداً على أنها “عاجزة عن لعب دور المرأة حتى في المطبخ”.


لقد وصل الكاتب الأخرق (موسى الشديدي) ذروة الصفاقة في نهاية كتابه عندما وصف هذه العظيمة (أم كلثوم) بهرم اللحم، إذ يقول حرفيّاً : “هذا النص محاولة لتخليد هرم اللحم الذي عجزتم عن قولبتها وإخضاعها حتى اليوم بعد وفاتها بأكثر من أربعة عقود، على الرغم من هوسكم المتواصل في السيطرة على مابين فخذيها”!! أقول: ماهذا القبح والوقاحة!!!.


أخيراً أودّ الاعتذار من كلّ القرّاء على تقديم هذا العرض لعملٍ بالغ السخف، إذ لايمكن أن أتشرّف بوجوده في مدونتي. ولكن رغبتي في تصوير الابتذال الجديد والمتسارع في سوق النشر والذي ينبغي على المهتمين في هذه الصناعة لجمه وتكميمه قبل أن يفشو بين صغار العقول فيصير مشاعاً يتداوله الصغار قبل الكبار.