مراجعة كتاب “جرائم فرنسا في الجزائر” للباحث “سعدي بزيان”
بعد التصعيد الفرنسي ضد المسلمين ووسم الإسلام بصفة الإرهاب وتمسّك الرئيس الفرنسي بالاستمرار في عرض الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد تقافز بعض الأقزام العرب المنافحين عن الثقافة الفرنسية -وحريتها في التعبير- بحسب رأيهم، وجدت أنّه من المناسب الآن تذكير هؤلاء بكتابٍ نافعٍ وغنيٍّ هو (جرائم فرنسا في الجزائر) للباحث سعدي بوزيان، ليقرؤوا من قصص الإرهاب الفرنسي ما تعافه النفس وتستنكره حتى البهائم؛ لكنهم يسكتون عنها ضعفاً وحيرةً في الرد.. وقبل عرض الكتاب أحبّ الإشارة إلى النقاط التالية:
ألاحظ التفاف بعض مدعي الفهم والثقافة حول مفهوم حرية التعبير، وهؤلاء أنفسهم لو سألناهم عن الحرية لاجابونا بكليشيه يحفظونها وهي (حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية غيرك) فمالهم اليوم يدافعون عن قضية الرسوم وقد تخطوا بهذه الحرية حدود غيرهم بمراحل !!
سؤال آخر أوجّهه لهم وللصحيفة الناشرة للرسوم: لمَ يلجمون أفواههم عندما تُثار قضية الهولوكست، والمبالغة بأعداد الضحايا هذا إن صحّت الإبادة من أصلها؟؟
أجيب عنهم: لأنهم يخشون الملاحقة القانونية بحجة معاداة السامية، وحتى (ماكرون) وغيره لايجرؤ على فتح الملف خشيةَ اللوبي الصهيوني المسيطر على مفاصل الدولة. إذاً أين حرية التعبير وحرية الرأي التي يدّعونها؟؟
عندما نحر الطالب الشيشاني معلمه الفرنسي؛ اتُّهم الإسلام برمّته بالإرهاب، وقال (ماكرون) في عزاء الميّت أنّ الإسلام (يعيش أزمةً)، لكن عندما دخل إرهابي مساجد في نيوزيلاندا وأطلق رشاشه على عشرات المصلين الأبرياء ومنهم أطفال لم يُتهم دين الرجل، واعتبروه موقفاً شخصياً من رجلٍ مجنون، ومعروفٌ عند الجميع أن تصرّفه هذا يستند إلى إيديولوجيا من منظماتٍ إرهابية يتبعها، ومدعومة من تنظيماتٍ صهيونية.
أكثر ما أتعجّب منه هو التفاف بعض من كنت أعطيهم أكبر من حجمهم فأظنّهم (أشباه مثقفين) حول ما زُعم أنه حرية تعبير على الطريقة الفرنسية، ووجدّت أنّهم أكثر من الذباب على المزابل، لكن أشكر الله أنّ قضية الرسوم عرّتهم تماماً، وعرفتُ أنّ مذهبهم هو اتباع الغرب في كل ما يقول وهذا عندهم هو محض الثقافة وجوهرها!! والأعجب منهم من يظنّ أن موقفه هذا ستحترمه له الدولة الفرنسية وستعجّل له استجلابه وإقامته عندها وهي لم تسمع به، وإن سمعت فلا يسوى لديها شروى نقير أو بعرة بعير!!
🔷️ حول الكتاب:
- في كتابه (جرائم فرنسا في الجزائر) يُلقي الباحث (سعدي بوزيان) الضوء على شلال الدماء ومسلسل الجرائم الفرنسية المرتكبة ابتداءً من عام 1830 ولغاية 1962 أي من أيام الجنرال الدموي (بيجو) إلى عهد الجنرال (أوساريس).
- يعرض الكاتب بعضاً من تصريحاتٍ أدلى بها بعض السياسيين والقادة العسكريين الفرنسيين تجاه ثورة الجزائريين في سبيل الحرية، وهي موثقة في كتبٍ لمؤرخين فرنسيين ما يجعل القتل والتعذيب الفرنسي نهجاً تتبعه الدولة وليس فرط تصرّفاتٍ فردية يدّعيها الغرب مع كل جريمةً يفضحها الإعلام.
- يعرّفنا الكاتب (أو يذكّر بعضنا) بثوراتٍ بعيدة كثورة المقراني عام 1871 وما تلاها، وجرائم فرنسا في سكيكدة، وأعمال (موريس بابون) الإجرامية ضد الجالية الجزائرية في باريس، و(إنجازات) دوغول الإرهابية والتي لاتزال فرنسا تذكره بخيرٍ بدل أن تخجل من نفسها عند ذكر اسمه..
- الكتاب غنيٌّ بمادته التاريخية والتحليلية، وأتمنى لو يكون هو وأمثاله مادةً ثابتةً في المناهج العربية، لأن تعريف الطلاب بهذه الحقائق سيُريحنا من أشباه المثقفين -إياهم- لأنها عندئذٍ ستكشف الغمّة عن أعينهم التي ترى الحق باطلاً كنتيجةٍ لانسلاخهم عن الحكمة والمنطق.
- صدر الكتاب عن دار هومة / الجزائر ويقع في 135 من القطع المتوسط وأنصح به كل من تدهشه قشور الحضارة الغربية ولم يقف على حقيقتها المخادعة بعد.