مراجعة كتاب جرائم الدولة الفرنسية للباحث الفرنسي جان لو إيزامبير
يعرض “جان لو إيزامبير” في هذا الكتاب وقائع مدعّمة بوثائق وشهادات تثبت بما لايدع للشك كيف أنّ الحكومات الفرنسية التي تعاقبت على الجمهورية الخامسة منذ عهد “فرانسوا ميتران” حتى عهد “فرانسوا هولاند”، تواطأت مع الولايات المتحدة وبريطانيا على نشر الفوضى وتقسيم البلاد، مدعومةً بإعلامٍ مضلّل يدّعي الحيادية، وبأجهزة استخبارات صنعت الإرهاب ومارسته، تحت غطاء الدفاع عن الشعوب ونشر الديمقراطية وإنقاذ المدنيّين، في حين أنّ الواقع غير ما يدّعون.
56 وزيراً فرنسيّاً للداخلية والعدل والدفاع، إضافةً لكبار المسؤولين والموظفين، تورّطوا بشكلٍ مباشر أو غير مباشر وبمشاركةٍ فعلية أو بسلبيّتهم، في حماية و/أو تقديم الدعم المستمر إلى أفراد مرتبطين بمجموعاتٍ إجرامية، الأمر الذي حوّل فرنسا إلى دولة مارقة مخالفة تماماً للشرعيّة الدولية، وجعل كل من شارك في تجنيد الجماعات الإرهابية التي قاتلت في سورية أو ساهم في تمويلها وتزويدها بالسلاح وتدريبها، متّهماً بارتكاب جريمة الاعتداء على دولة مستقلة ذات سيادة، وبتوفير مأوى وغطاء سياسي ودعم إمدادي وعسكري لمجرمين مُلاحقين بموجب مذكرات جلب دولية، وهي جرائم ضد الإنسانية يُحاسب عليها القانون الدولي والقانون الأوروبي نفسه.
يكشف الكتاب بالوقائع والتواريخ والأسماء والأرقام شبكة التآمر الدولي التي حاكتها قوى غربية باستخدام أدواتها في المنطقة من أنظمة رجعية ومنظمات متطرفة، وأدّت إلى كل هذا التدمير الذي امتدّ من أفغانستان إلى ليبيا، مروراً باليمن والعراق والجزائر وسورية. ناهيك عن تنشيط شبكات الإتجار غير المشروع بالسلاح والمخدرات واستعمالها لتحقيق مآرب سياسية وعسكرية ومنافع اقتصادية.
يضع الكاتب بين يدي القارئ كتاباً يتّسم بغنى المعلومات ودقّة التوثيق، يُدين فيه سلوك فرنسا تجاه الجمهورية العربية السورية، ويوضّح تبعيّتها للولايات المتحدة، ويُثبت بالأدلة القاطعة تواطؤها مع جماعات متطرّفة ارتكبت أبشع الفظائع، ضاربةً بالقوانين الفرنسية والأوروبية والدولية عرض الحائط.
فعسى أن تُسهم هذه الترجمة في إغناء معارف القارئ العربي، وفي تبديد الأوهام حول ما أصاب أوطاننا، والشبكة الجهنّمية التي استهدفت وجودها، فتقاسمت الأدوار مرتديةً ثوب الدين حيناً، وثوب الديمقراطية وإغاثة الشعوب أحياناً.
تنويه 1: ترتكز هذه المراجعة أساساً إلى المقدمة التي كتبتها المترجمة الدكتورة لبانة مشوّح وزيرة الثقافة في سورية.
تنويه 2: صدر الكتاب في جزأين وذلك عن الهيئة العامة السورية للكتاب: الجزء الأول صدر عام 2020 وبترجمة الدكتورة لبانة مشوح ويقع في 405 صفحة، وصدر الجزء الثاني عام 2022 وبترجمة سها حرفوش، ويقع في 240 صفحة، وكلا الجزأين من القطع الكبير.
تنويه 3: يُشير المؤلف إلى أنّ كتابه مُنِعَ رقابيّاً في فرنسا، وهي الدولة التي تدّعي صون حرية الرأي!.