أم لأسبوع واحد

مراجعة رواية “أم لأسبوع واحد” للكاتبة “سارة شيخاني”

ينطوي عنوان الرواية على مؤشرٍ شديد الألم، فربّما هي حكاية طفلٍ صغيرٍ انطفأت شمعة حياته وهو في أسبوعه الأول، ولستُ – اليوم ولا في أي وقتٍ آخر- في مزاجٍ يسمح لي أن أقرأ تراجيديا مؤلمة هذا الحد، فكنتُ كلّ مرةٍ أرى الرواية على رفّ المكتبة ألتفتُ عنها إلى غيرها، حتى وجدتُ في نفسي عزيمةً أن أقرأها لأنتهي من فعل نظرات المزاورة بيني وبينها كلما نظرت في المكتبة، وعندما قرأتها وجدتُ أنّ محتواها سعيدٌ لا حزين، وأنّ الأم التي ظننتُ أنها ثكلى بفقدِ وليدها لم تكن سوى أمّاً مأجورةً لأسبوعٍ واحد، ولطفلةٍ كتب الله لها الحياة، فما هي تفاصيل هذه الرواية؟بدايةً، تنتمي هذه الرواية لفن (النوفيلا/الرواية القصيرة)، فبناءها القصصي والدرامي مكتمل من النّاحية الفنيّة، وأعتقد أن الكاتبة (سارة شيخاني)، لم تهدف لتقديم أدبٍ متمكّنٍ بقدر ما أرادت تسجيل موقفٍ إنساني أعتقد أنها عايشته بنفسها؛ لأنّ العاطفة الصادقة الممزوجة بالكلمات كانت واضحةً جليّةً للقارئ.

تحكي الرواية قصة الطفلة الصغيرة (مرياما) والتي ولدت بمرضٍ عضالٍ يحتاج إلى عنايةٍ وعمليةٍ ثمّ مراقبةٍ دائمة، ولأنها ولدت في الأرياف بعيداً عن المدن الكبرى، وبسبب الحرب الدائرة في البلاد، فقد وجد أهلها فرصة علاج ابنتهم في أحد أكبر مشافي العاصمة بمعونة إحدى المبادرات الأهلية، ولتعذّر وصول أهل الوليدة (مرياما) سعت الجمعية الخيرية لاقتراح أمّاً متطوعةً بديلة ومؤقتة تعتني بالطفلة خلال إقامتها في المستشفى، وهكذا كانت راوية القصة هي الأم البديلة التي شرعت تحكي لنا قصة أمومتها القصيرة مع (مرياما).

الرواية إنسانيّةٌ جدّاً، بمعنى أن كل شخصياتها بالغة اللطافة وبأدبٍ جمٍّ وأخلاقٍ عالية تبعث على الاحترام، ابتداءً من الأم البديلة، والأطباء وطاقم المشفى والعاملين فيه، وأعضاء الجمعية، ومرضى المشفى ومرافقيهم، وهذا ما يعني أنّ الكاتبة كانت حريصةٌ على تسجيل مواقف صحيّة في الحياة وليس عرض النقائص والنقائض في المجتمع؛ خاصةً أن زمن الرواية هو زمن حرب وفيه من السلبيات ما لا يعلمه إلا الله.

الإهداء جميلٌ وملفت، فالكاتبة أهدت عملها (إلى كلّ أمٍّ في العالم، سواءً أنجبت أم لم تنجب…)، هذا كلامٌ صادق وجميل، فعاطفةُ الأمومة مزروعةٌ في جينات الفتيات عامّةً خلقةً وفطرةً من الله، وإنّنا نجد الأمومة باديةً حتى عند الفتيات الصغيرات ومعاملتهنّ مع العرائس والدُّمى.

صدرت الرواية عن دار التوفيق للطباعة والنشر في (118) صفحة من القطع المتوسط، وهي رواية خفيفة الظلّ، ملأى بعواطف متدفّقة من الأمومة المبكرة، وترشد الشباب بحافزٍ كبير للإنضمام لمبادراتٍ إنسانيّةٍ وتطوعيّة.

  • أم لأسبوع واحد
  • سارة شيخاني
  • دار التوفيق