لكنود

مراجعة كتاب لكنود للكاتب اسلام جمال

خلق اللهُ الإنسانَ ليُسعده لا ليُشقيه، وهيّأ له من الأسباب ما يجعله يتنسّم السعادة مع كل نَفَس، لكنّ الإنسان لعجلته وسوء فهمه للحكمة الإلهيّة في الحياة بات يصرف نظره عمّا وهبه الله من أسباب التنعّم والرضا ليهجر من حيث لايدري أحبّ العبادات وهي (عبادة السعادة) ويصير بذلك “كنوداً” متذمّراً يضربُ غمام اليأس الأسود حياته فتستحيلُ جحيماً يتضرّم حتى يُدركه الموت.لكنود كتابٌ رغم بساطته أجده عظيم المحتوى والفائدة، يرشد الكاتب (اسلام جمال) من خلاله القرّاء إلى ما يُظنُّ أنه فاتهم من خلال عجلة الحياة المتسارعة والطاحنة، وقد اختار لعنوانه لفظةً قرآنيةً هي (لكنود) المأخوذة من قوله تعالى ((إنّ الإنسان لربّه لكنود)) الآية. أي جحودٌ كفورٌ بالنعمة.

يقع الكتاب في سبعة عشر باباً أفردها الكاتب للإشارة إلى بعض النّعم التي وهبها اللهُ عبادَه فنسوها، وصار لا يذكرها أو يشكرها إلا الفاقدين لها والمتحسّرين عليها، أي أولئك الذين صارت (أشياؤنا أحلامهم).

في الباب الثاني يتحدّث الكاتب عن المال وهو أوّل ما يراود فكر القارئ عند الحديث عن السعادة، وأعجبني أنّه ابتعد عن التناول التقليدي لفلسفة هذه الثنائية (المال- السعادة). ودعم رأيه باستدلالاتٍ قرآنية وآراء بعض المفكرين بالإضافة لنتائج إحصائياتٍ عن أغنياء العالم ودرجات سعادتهم أو رضاهم.

يلفت الكاتب نظر قرّاءه إلى نِعَمٍ قد تكونُ بالفعل منسيّة مجهولة بسبب الاعتياد عليها من مثل نعمة الخلاص من الزحام بتيسير وسائل تنقّل مريحة، أو نعمة القدرة على مزاولة الرياضة؛ وهنا يدّل الكاتب قرّاءه إلى كتابٍ نافع -كنت أجهله- وهو (الأربعون الرياضية) للباحث المؤرخ محمد خير رمضان حيث أورد فيه ما صحّ من الأحاديث النبوية عن فضل الرياضة وما تدّره ممارستها من كفاءة في النوم والحركة والمزاج.

نوّع الكاتب في أسلوبه وخرج عن القالب الوعظي النُّصحي، وأورد قصصاً وتعليقاتٍ على آراءٍ واقتباساتٍ من كتبٍ تناولت مواضيع مُشابهة، كم أورد قصصاً نبوية وشروحاتٍ وتفاسيرَ لآياتٍ قرآنية استشهدَ بها، كما قصّ لقرّائه مواقف حياتيّة مرّت به أو بمن خالطهم أو سمع بقصصهم؛ فجاء الكتاب واضحاً في مادته ومنوّعاً في أسلوبه وقريباً لذهن القارئ وملامساً لحياته وتجاربه.

آخيراً أقتبس ما أورده الكاتب عمّا أسماه (عبادة السعادة):
“تلك البسمة الهادئة على وجوه الراضين رغم ما بهم من آلام إنما هي عبادة، بل عبادةٌ عظيمة، يحتاج أداؤها جهداً أكبر من الصلاة والزكاة والصيام، عبادةٌ تشبه تسبيح الملائكة حيث لا انقطاع لها، عبادة تلازمك أينما كنت إن اخترتها لك منهجاً”.

صدر الكتاب عن دار زحمة كتّاب للنشر والتوزيع / مصر، ويقع في 215 صفحة من القطع المتوسط، وهو كتابٌ نافعٌ، لا يمكن اعتباره خواطر شخصية، بل هو دليلُ عملٍ، وخارطة حياةٍ يجب أن يسرشد بها كل طلاب السعادة.

  • لكنود
  • اسلام جمال
  • دار زحمة كتّاب