مراجعة رواية سجين السماء للروائي الإسباني كارلوس زافون
تعدّ هذه الرواية الجزء الثالث من رباعية مقبرة الكتب المنسيّة للروائي الإسباني الأشهر كارلوس زافون، والتي تتألف بالترتيب من: ظل الريح، لعبة الملاك، سجين السماء، متاهة الأرواح.
يضع الكاتب في هذا الجزء من الرباعية خليطاً متماسكاً وبارعاً من السياسة والفلسفة وأدب السجون. ويعود بزمن الرواية إلى فترةٍ تسبق أحداث الجزأين الأولين ليُطلعنا على ماضٍ قريبٍ عاشه بطل الرواية فيرمن، دون أن يتخلّى -بالطبع- عن أبطال السلسلة الحاضرين دوماً: خوليان كاراكس، ديفيد مارتن، دانيال سيمبيري، وبينلوب، وإيزابيلا الحاضرة بقوة في هذا الجزء.
يستطيع القارئ البدء من هذا الجزء دون أن يكون مُلزماً بمنطق التدرّج، أي قراءة السلسلة من جزئها الأول، فهذه الرواية كغيرها من باقي الأجزاء يمكن قراءتها مفردة. مع تأكيدي على أن مايثير الدهشة والمتعة أثناء القراءة هو التقيّد بالترتيب الذي وضعه الكاتب.
بدا زافون في هذا الجزء من السلسلة منشغلاً بالمضمون أكثر من الشكل، وأقحم السياسة بشكلٍ واضح، وتحديداً عصر الجنرال فرانكو الشهير بدكتاتوريته وحكمه القمعي الاستبدادي، ومدى تفشّي الظلم الاجتماعي في عهده الطويل نسبياً (حوالي أربعين عاماً)، وهذا مايدفع القارئ للتريّث قليلاً أثناء قراءته الومضات الخاصة بالمعتقلات الاسبانية الخاوية من الانسانية.
على عادته، يحتفي كارلوس زافون دوماً ببرشلونة مسرحاً للأحداث، ولايقدّم حكايته بأسلوب التذكّر والتداعي كي لا يضطّرّ القارئ ربط أحداث هذا الجزء بسابقيه، وعلى فرض استخدم الكاتب هذا الأسلوب؛ سيظنّ القارئ عندئذٍ أنّ مافاته ضروريٌّ ليستكمل المشهد الحاضر وهو مالم يفعله الكاتب وأعدّه تصرّفاً بالغ الذكاء.
صدرت الرواية عن منشورات الجمل عام 2011، وتقع في 365 صفحة من القطع المتوسط، وبترجمةٍ احترافية من السوري معاوية عبد المجيد، وهي أشبه ما يمكن بلوحةٍ ترسم أجواء الرعب والغموض وبألوانٍ تخيّم عليها السوداوية لتشعرنا وكأنّنا نعيش أيضاً خلف قضبانٍ غير مرئية. وشخصياً أعدّها أفضل جزء من سلسلة مقبرة الكتب المنسية.
- سجين السماء
- كارلوس زافون
- منشورات الجمل