مراجعة رواية “الصبي سارق الفجل” للروائي الصيني “مو يان”
كنتُ أنوي قراءة رواية (الضفادع) للروائي الصيني (مو يان) الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 2012، لكنّني اكتشفتُ مبكّراً أنّها تحتوي على مايقارب السبعين شخصيةً في عدد صفحاتها ال (534) وهذا كثير !
وبحسبةٍ بسيطة عرفتُ أنني سأقابل شخصيةً جديدة كل ثماني صفحات، وكأنّ الكثافة السكانية في الصين تنتقل إلى أعمالهم الأدبية أيضاً!!
ولو أني سجّلت اسم كل شخصية ترد في الرواية في دفتري لاحتجتُ إلى ذلك أسفاراً، وربّما انقطع نعلي لكثرة المشي إلى المكتبات لشراء الدفاتر، ولظنّت زوجتي أنّني توظفت في مصلحة النفوس. فتركت (الضفادع) ونبشت في الشبكة باحثاً عن أعمالٍ أخرى للكاتب 莫艳، فوقعت يدي على روايةٍ قصيرةٍ له اسمها (الصبي سارق الفجل)، فانشرح صدري لهذا العنوان اللذيذ، خاصةً وقد هجم علينا الشتاء وتزاحم محبو هذه الدرنة البيضاء على الفجّالين يبتاعون منهم باكورة الموسم، وهم ينشدون قصيدة بيرم التونسي في مديح الفجل (يابائع الفجل بالمليم واحدةً) يدفعهم لذلك ما أظنّه أنّ لكلّ طبيخ الشتاء شعارٌ يقول: (الفجل يليق بك).
فحمّلت الرواية بنسخةٍ إلكترونية لتعذّر الحصول عليها ورقيّاً، وقرأتها في ساعتين وسجّلت لكم حولها النقاط التالية:تحكي الرواية يوميات طفل يبلغ عمره عشرة أعوام، يمتلك رغم صغر سنه بنية جسدية متينة وأقدام قوية كحوافر البغل (بحسب توصيف الكاتب)، يعاني هذا الصبي الأسمر من طفولة مسحوقة بسبب زوجة أب ظالمة، وأرباب عمل لايحترمون طفولته ولا إنسانيته.
تنقّل الطفل بين أعمال مختلفة كالبناء وتكسير الصخور الضخمة، وبسبب إصابة عمل تم نقله ليصير مساعد حدادٍ حيث عمل كنافخ كيرٍ له، ثم حارساً لأدوات الحدادة خلال غياب (الريّس).
لم أجد حبكة محكمة في هذه الرواية، وهي عملياً مجرد (نوفيلا) قصيرة لا تحتوي على أي مقومات أو عناصر أدبية تشدّ القارئ.
الجو العام للرواية مأساوي، وتتحكم بتصرفات غالبية شخصيات الرواية دوافع من الرغبة في تحقير الآخر وإذلاله، وربّما يود الكاتب للإشارة أن الثورة الثقافية في الصين لم تؤتِ ثمارها وخاصةً أنه معارضٌ للحكومة وكتب الرواية بعد مرور جيلٍ واحد على هذه الثورة.
زاد الرواية سوءاً الترجمة التي قدمها السيد حسنين، لم أفهم لم اعتمد على المحكية المصرية في ترجمة الحوار، ومن سمح له بذلك أصلاً !!
على المترجم أن يكون وفيّاً للنص، واستخدام اللهجات العامية هو خيانةٌ للعمل الأدبي، والمترجم(حسنين) أساء استخدام سلطته على الرواية. ومازاد الطين بلّة أنّ المترجم استخدم مصطلحاتٍ عامية يستشكل على المصريين أنفسهم فهمها لندرة استخدامها، وصار على القارئ العربي أن يستعين بقاموس اللهجات ليفهم مُراد الكاتب.
لم أندم على قراءة الرواية رغم فشلها في تقديم وجبةٍ أدبية دسمة كنت أنتظرها، وخاصةً أنها لكاتبٍ صيني متحصّل على نوبل، ومعروفٌ أن القطيعة بين الأدبين العربي والصيني واسعة، ولكنّ يبدو أنه بهذه الترجمة اتسع الخرق على الراقع.
صدرت النسخة العربية من الرواية عام 2015 عن الهيئة العامة المصرية للكتاب في 142 صفحة من القطع المتوسط، وسبق الرواية تقديم للدكتور محسن فرجاني، ثمّ مقابلة مطوّلة بين المترجم والروائي استمتعت بها أكثر من الرواية نفسها.
- الصبي سارق الفجل
- مو يان
- الهيئة العامة المصرية للكتاب